بعض من ملامح

هذه فكرة أخرى تنسلخ خائبة من قلبينا،
لا اختلاف بيننا، فكرتانا متماثلتان، فأنت تؤمن أن العالم إنزلق من قلب واحد وأن لا فرق بين الناس حتى وإن اختلفت الوانها وملامحهم، وأن كل ما يصنف الناس هو محاولة قديمة تافهة للتميز والانتماء، وفكرتي ليست سوى استمرار لفكرتك، ليس استمرارا تبعيا، إنما هذا ما تفرضه علي الأمور وفلسفتي..وعينيك ، أن لا اختلاف محدد بين الناس رغم تميزهم وتنوع ثقافاتهم، لكنهم ينصهرون في نهاية الأمر في المشاعر ذاتها والتجارب نفسها؛ الحب، الخذلان، الاكتئاب، الأنانية..
وأعلم أنك ستضع قفازي الحقيقة على فمي لتلتقط الكلمة الأخيرة؛ الأنانية، وتحيلها إلى أرنب أصفر ميت قذر الرائحة، وبدوري، سأكمل صياغة فكرتي بهذه الثرثرة؛ أن الناس متشابهون ولكنهم لا يحبون بعضهم بالقدر الكافي، ولا يعلق أحدهم بصره على الآخر بحب إلا لو كان جميلا، ذلك أن الجمال تعبير مجرد عن الفن _ويمكنك قراءة الجملة بالمقلوب_ وأنه مثل أي لوحة أو لحن موسيقي؛ يمكن للجميع فهمه والانجذاب إليه،
ولأعود إلى استطراد فكرتي؛ طالما أن الجمال يلفت الكائن الآخر بحب، وهو مرتبط بإحدى نقاط تميز البشر (الوجه أو اللون) إذا يمكننا بتوحيد الوجوه والألوان أن ننشر الحب بين الجميع!
أظنك تبتسم بإعجاب للفكرة، وتعيد ابجديتها في ذهنك لألف مرة وأنت تنظر إلي، لكني لا زلت لم أنته، فغاية ثرثرتي أو فكرتي، هي أن الون جميع الناس باللون الأصفر واترك لك تركيب ملامحهم، فتنسقه من ذاكرتك المزدحمة بوجوه من صادفتهم في قارات العالم السبع. والآن لننظرالى الوجوه الجميلة وقد تصبغت بالأصفر، ألا تشبه كثيرا أن تضع لافتة على وجهك وتكتب؛ أنا إنسان أناني.. وليست لدي القدرة على الإنصات لآلامك !
ذلك أن الأنانية هي صفة ملاصقة لكونك كائن تطوف في الوجود، وإدعاءك عكس ذلك ليس سوى كذبة، فأنت حين تحافظ على من تحب تحافظ على شيء يجعلك سعيدا ويمنحك الطمأنينة، وأنك حين تمارس طقوسك الدينية فأنت تمارسها لتظفر بأمنية تطلبها من الله أو أنك تسعى لبلوغ الجنة. حتى الموت هو تعبير حقيقي ومتكامل عن الأنانية، فأنك حين تصاب بمرض خطير وتقف على الخط الأخير سوف لن تحزن بالقدر الذي ستحزنه لو كانت حبيبتك هي المتجهة للموت، لأنك حينها ستفقدها وتفقد معها سعادتك وتمضي حياتك في فراغ ووحدة مخيفة،
أراك تتساءل لماذا أعطي الأنانية هذه القيمة البالغة، وسأبرر تطرفي بأن فكرتينا وهي (لا فرق بين الناس) أو (لا فرق)، سوف لن تنجح مطلقا، ولن يسود الحب العالم، لأن الأنانية موجودة منذ الأزل، وهي ما لا يمكننا تلوينه أو تغيير ملامحه. حتى أني، لفرط تأثري، لونت وجهك بستة ألوان دون أن أضع الأصفر، وأني بهذا التصرف الصغير نفيت فكرتينا، بأن جردتك من الأنانية وميزتك بأنانية عن باق البشر، وهو ما لا يمكن للمحب أن يقاومه !

تعليقات

المشاركات الشائعة